الحرية والوعي
لا يتطلع إلى الحرية إلا من يبصر القيد، فالحرية مشروطةٌ بوعي ما، إذ كيف يحلم بالحرية من يرى الرسن حقلا فسيحا، ولذلك لا تظهر الرغبة في الفكاك من الرسن إلا بعد أن يُفهم على أنه عائق عن ارتياد البراري، عوض أن يُفهم على أنه وسيلة للحصول على علف مريح، وهكذا ينظر الوثني إلي وثنه على أنه طريق إلى شيء ما أو منفعة ما، ولا ينظر البتة إلى الأمر على أنه خنوع وتذلل لكينونة ما، وقد يسميها عبودية لكنها عبودية تعني بالنسبة له الحرية كل الحرية، فأنت حر بقدر ما تجهل قيودك، عبد بقدر ما تعيها.
الحرية تأتي مضافا إلى مضاف إليه، لأنها هكذا وحدها لا تحمل معنى عمليا، فالحرية المطلقة كلمة لا وجود حقيقي لها، إلا على المستوى البلاغي، أي بقدر ما تُحيل إلى مبالغة أو حلم، إذ الكائن لا يخلو من قيد، والوعي بالقيد الأكثر قسوة يتملك أؤلئك الذين يرغبون بشدة في هذا الحلم، أي في كسر الشرط الزمكاني للوجود، حيث يتبخر المنطق وتبزع آلهة الأولمب.
هناك تعليقان (2):
مُدونة جميلة وهادفة.
سأكون مُتابعة لهذا الزخم الفكري والادبي.
شكرا لك سيدتي
إرسال تعليق